اصحاب الكهف فتيه اشداء في اجسامهم ،اقوياء في ايمانهم،حكماء في
اقاوالهم وافعالهم،عظماء ف عزائمهم وهممهم ، اتقياء في ظواهرهم وبواطنهم
جمعهم الايمان وصهرهم ،فكانو كرجل واحد يشعر كل منهم بشعور اخيه
ويشاركه الامه ويعيش معه بقلبه وقالبه ،زادهم الله هدى على هدى
واتاهم تقواهم وثبت قلوبهم على كلمة التوحيد ،وهم في وسط قوم يعبدون الاصنام
ويجأرون اليها بالدعاء ويقدمون اليها القرابين ،ولهم ملك ظالم ينكل بكل من خلف عقيدته
الباطله يقال له ((دقيانوس)) ..........
وظل هؤلاء الفتيه يعبدون الله عز وجل على دين عيسى عليه السلام دون ان يعلم بهم هذا المللك
ولا احد من حاشيته امدا من الزمن،ثم انكشف امرهم،فتوعدهم الملك بالرجم حتى الموت ان لم يدينوا بدينه ويعبدو الهته ،فكانو بين امرين احلاهما مر ،فهم اما ان يدينوا بدين الملك ،او يقتلو في سبيل عقيدتهم شر قتله فتشاورو فيما بينهم فاشار عليهم واحد منهم باعتزال القوم،والفرار الى كهف يأويهم بحيث لا يعلم احد مكانهم ،فتفقو على ذلك ،وخرجو يطلبون من الله تبارك وتعالى ان يتغمدهم برحمته، ويهيئ لهم من امرهم رشدا في الدين والنيا.......................
وقد كانو من كبار القوم ،وقيل كانو رعاة بدليل استصحابهم الكلب في ايوائهم الى الكهف،واصطحاب الكلب من شأن الرعاة غالبا.......................................
لقد خرجو يبتغةن النجاة الى جبل بعيد يلتسمون فيه كهفا لعلهم كانو يعرفونه من قبل بدليل قوله تعالى
(((فأووا الى الكهف))) باعتبار ان (ال)للعهد لا للجنس،وهو كذالك فيما يبدو لنا....................
فلما جاءوا اليه القى الله عليهم النوم فنامو ثلاثمائة سنه وتسعا بالحساب العربي ،كما سيأتي بيانه ان شاءالله تعالى ،ثم بعثهم الله ،فأرسلو واحد منهم الى المدينه ،ليأتيهم بطعام حلال بما معهم من دراهم ،واوصوه ان يتخفى ولا يخبر احدا بمكانهم خوفا من ايفتنوا في دينهم،فلما اتى الى المدينه وجد الحال غير الحال وجد كل شيء في المدينه قد تغير حتى بدا وكانه في مدينه غير التي كان يعيش فيها من قبل وسأل عن اهله وعن اصحابه وعنأناس كان يعرفهم فلم يجد منهم احدا،وراى كثير من اهل المدينه على مثال فاضل من الزهد والصلاح والتقى،يعبدون الله ولا يشركون به شيئا،فلما ابصرهم وابصروه،، وحدثهم وحدثوه عرفو من حديثه انه هو ومن معه من الفتيان قد فرو بدينهم من وجه الطاغيه (دقيانوس) منذ اكثر من ثلاثمائةسنه ،فحفظهم الله بقدرته بنومه نامو في الكهف الى ان تبدل الحالغير الحال وذهب الله بأولءك الذين كانو يعبدون الاوثان وجاء بقوم سلكوا طريق الهدى على دين عيسى عليه السلام ،وانهم من ايات الله الباهره التي تدعو الى العجب العجاب فاصطحبوه الى ملكهم ((نيذوسيس)) فاكبره غاية الاكبار،واجله غاية الاجلال وقام معه الى الغار ليرى بقية اخوانه فيحتفى بهم ويكرمهم ويلتمس البركه عندهمفاستقبله الفتى ليستأذن اخوانه في ذالك،فلما انتهى اليهم واخبرهم الخبر خافو على انفسهم من الغرور ، وخافو ايضا ان يفتن بهم الناس فيطروهم كما اطرت النصارى المسيح ابن مريم ،فسأالله ان يقبض ارواحهم اليه ،فستجاب لهم ،فجاء القوم فوجدوهم في الكهف موتى فتشاورو في امرهم ،فقال فريق منهم :نبني عليهم بنيانا،اى :ضريحا يزار..وقال الكثرون :نبني على كهفهم مسجد نعبد الله فيه...
فبنو المسجد وكتبو عليه رقميا ذكروا فيه أسماءهم،فعرفو باصحاب الكهف والرقيم.......
وقد اختلف الناس في عددهم والامد الذي لبثوه في كهفهم،فبين الله ذلك بيانا شافيا في ثمانى عشره اية من سورة الكهف.........................................
وذكر الله في هذه الايات اهم الجوانب المشرقه في قصتهم دون ان يذكر الزمان الذي عاشوا فيه،والمدين التي كانو يقيمون بها،والكهف الذى لبثوا فيه،لان هذه الامور لا يتعلق بذكرها فائده.........
ونحن بعون الله _تبارك وتعالى _ستستعرض هذه الايات التي تحدثت عن قصتهم،
ونذكرهم بايجار ما تضمنه من العظات والعبر[b]
